بوجدور .. أي توافق بين السياسات العمومية وانتظارات شباب الإقليم !؟
شباب بوجدور، الذي يحمل الطموح بين أيديه،
وينظر إلى المستقبل بعيون مترقبة، لكنه يتساءل: هل تعكس السياسات العمومية تطلعاته؟
هل تأخذ بعين الاعتبار واقعه اليومي وتحدياته الحقيقية؟ يبحث عن فرص عمل تحقق ذاته،
عن تكوينات تفتح له الأبواب، وعن مساحات تعزز مشاركته في تنمية مدينتنا. نرى
مشاريع تنموية تُطلق، وخططًا تُرسم، لكن إلى أي مدى تصل إلينا؟ وإلى أي حد تُلبّي
احتياجاتنا؟ في ظل التحولات التي يشهدها الإقليم، حان الوقت لإعادة التفكير في
سياسات أكثر إدماجًا، حيث لا يكون الشباب مجرد مستفيد، بل شريك أساسي في صناعة
القرار وتحقيق التنمية."
في سياق التحولات التي تشهدها الأقاليم
الجنوبية، يبرز إقليم بوجدور كنموذج للجهود التنموية التي تسعى إلى تعزيز الإدماج
الاجتماعي والاقتصادي لفئاته المختلفة، وعلى رأسها الشباب. وبينما يتطلع الإقليم
إلى ترسيخ موقعه ضمن الدينامية الوطنية للنمو، يطرح السؤال نفسه: إلى أي مدى تعكس
السياسات العمومية بالإقليم حاجيات وانتظارات شبابه؟
في السنوات الأخيرة، ركزت السياسات
العمومية بالإقليم على تعزيز البنيات التحتية، وتحفيز الاستثمار، ودعم القطاعات
الواعدة كالصيد البحري والطاقات المتجددة. كما تم إطلاق مشاريع تنموية مهيكلة في
إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، وهي مشاريع تهدف إلى خلق فرص
اقتصادية مستدامة وتحقيق عدالة مجالية.
غير أن هذه الجهود تظل رهينة بمدى نجاعتها
في استيعاب انتظارات الفئة الشبابية التي تمثل شريحة كبيرة من ساكنة الإقليم. وهنا
يبرز التحدي الأساسي: كيف يمكن لهذه السياسات أن تترجم بشكل أكثر واقعية احتياجات
الشباب، خاصة فيما يتعلق بالتشغيل، التكوين، والمشاركة في اتخاذ القرار؟
رغم البرامج والمبادرات الرامية إلى تمكين
الشباب، مثل دعم المقاولات الناشئة، وبرامج التكوين المهني والتشغيل، إلا أن هناك
حاجة ماسة لمزيد من القرب من الواقع المعيشي لهذه الفئة. فالتحديات المرتبطة
بالولوج إلى سوق الشغل، وضعف الفرص الاقتصادية المحلية، تجعل العديد من الشباب
يعيشون حالة من الترقب والتساؤل حول مدى نجاعة هذه السياسات في تغيير واقعهم
اليومي.
في هذا السياق، يظل تفعيل مقاربة تشاركية
حقيقية بين الفاعلين المحليين، من مجالس منتخبة، ومؤسسات الدولة، والمجتمع المدني،
أمرًا ضروريًا. إذ من دون إشراك فعلي للشباب في بلورة السياسات العمومية، ستبقى
هذه الأخيرة حبيسة الخطط النظرية دون تحقيق الأثر المطلوب.
إن تحقيق تنمية حقيقية بإقليم بوجدور يمر
عبر إعادة النظر في أدوات التخطيط العمومي، بحيث يكون الشباب عنصرًا فاعلًا في
صياغة القرارات وتوجيه الاستراتيجيات. وذلك يتطلب اعتماد سياسات أكثر مرونة،
تستجيب لتغيرات سوق العمل، وتوفر فضاءات حقيقية للتكوين والتأهيل، مع تعزيز
الاستثمارات في القطاعات التي تتيح فرصًا واعدة للتشغيل.
وفي ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية
التي يواجهها الإقليم، فإن تحقيق هذا الطموح رهين بمدى القدرة على تحويل السياسات
العمومية إلى مشاريع ملموسة تتجاوز البعد النظري نحو تحقيق أثر اجتماعي واقتصادي
فعلي.
ختامًا، يظل الرهان الأكبر هو الانتقال من
سياسات تستهدف الشباب، إلى سياسات يقودها الشباب، وهو ما سيضمن بناء مستقبل أكثر
استدامة لإقليم بوجدور، يجعل من طاقاته الشابة رافعة حقيقية للتنمية.